الإمام الصدر يخطف ثانية
د.نسيب حطيط
الإمام الصدر ضحية مبادئه وأهدافه... وضحية حماية المقاومة والقضية الفلسطينية ولبنان وضحية المجرم القذافي.. وضحيتنا نحن الذين قصرنا في حقه !
خمسة وثلاثون عاماً على إختطاف وأسر الإمام موسى الصدر والشيخ محمد يعقوب والصحافي عباس بدر الدين، لخطف المقاومة اللبنانية التي أطلقها الإمام الصدر وشعارها "أن شرف القدس يأبى أن يتحرر إلا على أيدي المؤمنين"، والتي لأول مرة في تاريخ الأحزاب العربية تعلن حركة امل في ميثاقها "... السعي لتحريرفلسطين أولى واجباتنا وإن الوقوف إلى جانب شعبها وصيانة مقاومتها والتلاحم معها شرف الحركة وإيمانها ".
لقد تنبهت الصهيونية العالمية لظهور حركة إسلامية عالمية تعطي أولوية المقاومة للمشروع الأميركي – الإسرائيلي وتتجه للحوار مع الإتحاد السوفياتي السابق وكان أركان هذا المشروع وركائزه تتمثل بالثلاثي (الإمام الخميني والمرجع السيد باقر الصدر والإمام موسى الصدر) وبدأت ملامح تكوين ساحات مقاومة سياسية وإجتماعية وفكرية كخطوة أولى والتحضير للمقاومة المسلحة ، وقد عمل الثلاثي القيادي وفق حالة تنسيق شاملة بقيادة الإمام الخميني وأثمر هذا الحراك العام 1979إنتصار الثورة الإسلامية في إيران ،ولازمها تحرك الإمام الصدر في لبنان بإعلان حركة مقاومة شعبية وحركة سياسية مطلبية وبدأ بأخذ دور وطني وإقليمي (دوره في عقد مؤتمر القمة العربية في الرياض 1976) ورافقه تحرك الشهيد السيد محمد باقر الصدر في العراق مما استدعى ضربات إستباقية ولاحقة لهذا المشروع فكان إختطاف الإمام الصدر عام 1978 قبل إنتصار الثورة الإيرانية وإعدام السيد باقر الصدر عام 1980 وبدء الحرب العراقية على إيران لإسقاطها وإسقاط المشروع الإسلامي العالمي المقاوم للفرعون الأميركي.
إن دور الإمام الصدر ثلاثي الأبعاد على المستوى السياسي (وطني، إقليمي، دولي) وعلى مستوى الفكر الإسلامي (الإنفتاح، الحوار، مواكبة العصرنة) ولذا كان التخطيط لإختطافه مركزياً على مستوى المشروع الصهيو- أميركي ونفذه القذافي المقبور وعاونه أو سكت عن جريمته بعض اللبنانيين والفلسطينيين بعد وقوف الإمام الصدر ضد مشروع (العزل) السياسي للأطراف المسيحية ، وموقفه من الدخول السوري إلى لبنان حيث أيد التدخل وعارضته الحركة الوطنية والمقاومة الفلسطينية.
إن الإمام الصدر كان ضحية مواقفه المبدئية وأهدافه الطموحة في تحرير القدس والدفاع عن لبنان وكان ضحية سكوت وتقاعس الجميع ، ولا بد من التأكيد على الأمور التالية:
- إن قضية الإمام الصدر ليست قضية شيعية بل قضية وطنية لبنانية وقضية إسلامية وعربية وليست مسوؤلية عائلية فقط.
- لم تلتفت الدولة اللبنانية لتسمية مركز أو منشأة أو شارع بإسم الإمام الصدر بل إن شوارع بيروت تحمل أسماء الغزاة الفرنسيين ..
- لم تلتفت الطائفة الشيعية إلى تسمية أي مشروع ثقافي أو إنمائي أو خدماتي بإسم الإمام الصدر إذا استثنينا ما سمته العائلة بإسمه في الجنوب وثانوية الإمام الصدر في الهرمل ! !
- إن للإمام الصدر "دين وشراكة" لا يطلبها الإمام الصدر ولا عائلته في ذمة كل شيعي فهو الذي زرع بذرة المقاومة في عقولنا و قادنا إلى المشاركة في النظام ورفع الغبن وهو شريك في راتب كل موظف منا ليس من أجله أو عائلته بل لنتشارك فيها مع الفقراء وعوائل الشهداء والجرحى والمفقودين ،وقبل أن نطالب الآخرين بتحمل المسؤولية ،فلنبادر لنكون أوفياء ونتحمل مسؤوليتنا بشكل جدي... حتى لا يلعننا التاريخ ...
لا يزال المشروع الأميركي الذي كلف القذافي بخطف الإمام قائماً وتهديد التكفيريين الجدد يخطفه ثانية .... فكان تأجيل الإحتفال بذكرى الإختطاف تأكيداً على استمرار المؤامرة..
لذا فإننا نقترح أن يعلن أسبوع الإمام الصدر في لبنان وأن يستعاض عن الإحتفال المركزي بإحتفالات في قرى ومدن لبنان في الوقت المحدد للمهرجان ،وأن يدعى إلى إحتفال سياسي مركزي في بيروت حتى لا تضيع القضية بأكملها..... فلا القضاء استطاع أن يفعل شيئاً ولا الثورة كشفت الجريمة ....فلا يجوز أن تلغى الذكرى آخر ما تبقى من قضية الإمام الصدر ورفيقيه.
سياسي لبناني